لماذا هذا التدوين

الاثنين، 25 أبريل 2011

قصيدة للشاعر حمد اليعربي



من الذين نظموا الشعر بعمان الشيخ الفصيح حَمَدْ بن سيف بن حَمَدْ بن بِلعَـرَب بن مُهَـنـَّا اليَعْـرُبِـيّ ، ولد ببلد الحزم سنة 1295 هـ ثم انتقل مع آبائة (1) إلى ولاية إبراء ونزلوا بجوار الشيخ عيسى بن راشد المُغِـيِـرِيّ من معه من أشياخ المساكره وسكن ببلد الناضره من ولاية إبراء ولازم الشيخ الكريم سيف بن علي بن عامر المَسْكَـرِيّ ، وتوفي سنة 1361 هـ ، و كان وقاد الذكاء قوي الذاكرة شاعراً فصيحاً ، ومن شعرهِ هذه القصيدة الغراء (2) :.


بآراء أرباب العقول الزكية ** يتم اعتزاز للنفوس العليةِ

و ئنتان للأنسان لابد منها ** حياة لموت ، واعتزاز لذلةِ

وأنَّ بَعِيدَ الهم أن هجع الملا ** يبيت سمير الفكر في كل ليلةِ

إذا صحب الدنيا حليف نباهة ** أرته عواد الدهر كل عجيبةِ

و كل أريب أن تطاول عمره ** ستبدي له الأيام كل غريبةِ

أبَّي خُلق الدنيا بأن يترك الفتى ** على حالة لو نال هام المجرةِ


أصاح متى أرجو من العيش لذة ** وصفوا وقد حل القتير بلمةِ

وكيف أرجى من زماني تعطفا ** واحداثهُ تأتي على حين غفلةِ

حنانيك ما هذا الزمان مسالما ** لذي شرفٍ حُـرًّ زَكِّي السريرةِ

و ما هذه الدنيا بدار أقامةٍ ** فيمتاز فيها المرء بالسابقيةِ

ولكنها أيام لهو و زينة ** وأرغد عيش المرؤ عصر الشبيبةِ


إذا ما مضت عنه سُنُون وأقبلتْ ** أواخر جافتْ جَنْبُهُ كُـلُّ لذَّةِ

سَتُخبرك الأيام إذا كنتَ جاهلاً ** و سَلْ وأتبع ما قال أهل الرويةِ

نصحتكَ علماً بالحوادث أنني ** ركبتُ مطاها في دهور قديمةِ

وأمْلّتْ آمالاً طوالاً عريضةً ** فما خِلتُ أن تَبلى و تبقى بليتي


على أني لاقيت ما يدهش الحجى ** وتذعر منه النفس حين اطمائنةِ

ولستُ عن الحق بناكصٍ ** حلفتُ يمينا غير ذي مشويةِ

وأحزنني دهرٌ تكدرَ صفوهُ ** فهلَّا يَمُنُّ الدهر يوماً بسلوةِ

تكدرَ ذاكَ الصفُو وأنبجسَ البلى ** فياطول ما بِـتْـنَا بعينٍ قريرةِ

رويدكَ يا دهري إلى ما أولى النُهَى ** تُـنْـقصهم والآخرين بغبطةِ

لحى الله دهراً لوحتنا صروفهُ ** وعاودنا صبرا لكل رزيةِ


تولى زمانُ الفضل يا نفس والذي ** ترجى فلم لا يذهبنَّ بحسرةِ

عفتْ أربع تحوي العُـلَى و معاهد ** ثوى المجد فيها والمكارم هُدْتِ

لفقدِ ملوك يسبق الجُون جُودهم ** وآساد غاباتٍ إذا الحربُ جاشتِ

أعاث بهم ريب المنون وهكذا ** صروف ليالينا جرت بالتشتتِ

نجائبنا الأيام تمشي بنا معاً ** و نرجف بالدنيا لوقت موقتِ

دلالات مبداتنا على الختم برهنت ** فدلت على فقد الليالي بقوةِ

أخا العزم خذ عني وحدث بما ترى ** وفكر طويلا في اجتماع ووحدةِ

بعيشك هل عانيت في الناس قبلنا ** تسلى واعلاما عن المجد ميلتِ


بأي ذنوب أوجب الدهر ما جرى ** لقد أخطأ المرمى بسهم المصيبةِ

رقي عينه اليمنى وكـنَّا ضيائها ** وكـنّا اليد البيضا رماها فشُلتِ

وكـنَّـا أناسا من قديم زماننا ** ورثنا المعالي أمةً بعد أمةِ

لنا الدولة الغراء التي شاع ذكرها ** وأثارها تبقى لآخر مدةِ

مَلكنَّا بنى الدنيا و نِلنَا مرامها ** وسُدنا و سَوّدنا بعزم وهمةِ



فكم من يد بيضا لنا سَوّدت فتى ** فأغنت وأقنت حين أغنت وأقنتِ

يرى جارنا الدنيار قيضة كفه ** و يرجع راجينا بأوفى غنيمةِ

فلا مفخر في الناس إلا بنا انتمى ** ولا فيهما يرجى سواهما لرغبةِ

تطُوف بنَّا الأمال من كُـلِّ جانب ** كما طِيف بالبيتِ العتيق بمكةِ

وقامت بنا العلياء فانهد ركنها ** ومالت رواسيهم بحكم المشيئةِ

فلا تعجبوا أن زعـزتنا نوائبٌ ** فـسير الرواسي آية للقيامةِ

لعمرك ان نال القضا بعض قصده **فما ساءنا بل ساء كل الخليقةِ



وأنَّا لمن قوم يعاش بفضلهم ** وترجى أياديهم لكل مهمةِ

سُلالة قحطان خلائف تُبَعٍ ** بُدُور المعالي حفظ للحقيقةِ

سُرَاة إذا الدُّنيا هَوَينَّ جبالها ** أقاموا على أرجائها فأستقلتِ

دُهاةً إذا ما المشكلات تفاقمتْ ** هُدَاةً إذا الأفكار بالأرض ضلتِ

تقسم في الدنيا نداهم وبأسهم ** وسادوا على الدنيا بنارٍ وجنةِ



هم نشروا الرايات في أرض بابل ** و في يَمن والصين والقادسيةِ

بَنَى السَدْ ذو القرنين منهم بقوةٍ ** وأفرغ قُطراناً على كل زربةِ

ومأرب والصفصاف شادوا ومرعشاً ** وغمدان ثم الحصن بالاَ بقيةِ

ومنَّا الأولى سادوا وشادوا وعمروا ** فجاسوا خلال الدار بالأعوجيةِ

وهم دخوا شرق البلاد وغربها ** وجالت مذاكيهم بأرجاء سرةِ



فسبعون مع عشرين الفا وستة ** عتاق المذاكي الصافنات بغزوةِ

إذا هلهلت بالنقع في حومة الوغى ** تُرِيك الضُحى كالليلة المدلهمةِ

يزلزل أرض الشرك وقع سنابك ** إذا يممتها مرخيات الأعنةِ

عليهن من أبناء هودٍ غطارف ** يقدون نسبح الهام بالمشرفية

كماة متون الصافنات مهودهم ** بيوم حدود البيض في الهام ظلتِ

حداد المواضي طيبات نفوسهم ** كرام السجايا واللقا والعشيرةِ



مصاليت إن هاجت لظى الحرب أسرعوا ** إليها بعزم زانه صدق نيةِ

تخالهم أسدا تصول لدى الوغى ** إذا خاضتْ الأبطال نار العريكةِ

ضراغم بالزعق الدلاص تسربلوا ** وقد اكفؤها بالضحى والعشية

يشنون للغارات مطيهم ** وعجلزة جرداء تزهو بغرة

سبوح تباري الريح في بعض غدوها ** و تمرح بالخطى إذا ما تثنتِ

تفر الكماة الصيد من سطواتهم ** إذا ألجموا للبغي كل طمريةِ



فياصاحبي عرج على رمضة الحما ** عسى فرج تحظى به بعد شدةِ

فعهدي بأهليها ملوك إذا سخوا ** يروا المائة الحمراء أيسر منةِ

كرام و أوفى الناس عهدا و موثقا ** وأرعى و أوفاهم على كل ذمةِ

مقاول من أبناء هود و يعرب ** ألوا الرتبة العلياء و الاريحيةِ

إذا حجم الفرسان يوما تقدموا ** على كل صنديد بصدر الكتيبةِ

على ضمر قصر الأعادي مبيتهم **إذا ما تمطى الوهن ظهر الأريكةِ

وفي صهوات من عناجيج ضمر ** تعادي بهم نحو الحصون المنيعةِ

بهم دولة الإسلام أشرق نورها ** وردوا العدا قسرا إلى خير ملةِ



فكم سبقت في الأقدمين مفاخر ** لهم و سيادات و أفضل بيعةِ

كأسلاف من شادوا البرية سابقا ** وعمرّ أنهار وحصن الشريفةِ

أمامهم القرم المعظم حمير ** فتى المرتجى سلطان ضخم الدسيعةِ

جلاجل كم أحمى الوطيس بأسمر ** وذي شطب صاف زكي الأرُومةِ

همام خميس الحرب في حومة الوغى **إذا اشتعلت نار الحروب وشَبتِ

سقى الهند و اليونان ماء الطلى وقد ** أقام عماد القسط بين الرعيةِ

غدا السيف مخضوب الفرار بكفهِ ** وحاطت بناديه سرادق هيبةِ

خلت بهم الدنيا ولا غرو أن خلت ** مآثرهم في كل سفر وسيرةِ

بصرت وغيري لم يكن ذا بصيرة ** لهذا و قولي منبأ عن حقيقةِ



وكم لبني قَحْطَان من عرش محتد ** وكم لهم في الناس من أولويةِ

على فلك الدنيا لقد رُفعت لهم ** منازل لا تخفى على ذي بصيرةِ

لقد أوضحوا سُبل الهدى بشبا الظبا **و شادوا منار الدين بالسمهريةِ

يبيتون للمولى قياماً وسجداً ** إذا باتت الأعيان فوق الأسرةِ

مآثرهم في الخافقين وذكرهم ** جديدان طول المدة الأزليةِ

مآثرهم تبقى و آيات مجدهم ** إذا تُليتْ كالشمسِ غير خفيةِ



فمن مثل أخلاق الإمام ابن مُرشدٍ ** و من مثلهِ ذو سيرةٍ نبويةِ

رقى درج المجد الأثيل مجللا ** وقد كان ذا عفوٍ عظيم و عِفةِ

حوى قصبات السبق كهلاً ويافعاً ** وتوج بالتقوى شعار السكينةِ

و أصبح للدين الحنيفي ناصرا ** لقيث سراياه لكل ملمةِ

بتبر وبتر لا تزال يمينه ** تفرج عن أهل التقى كل أزمةِ

تراه إذا يغشى الورى متبسما ** إذا خضبت بيض الصفاح بحُمْرَةِ

وإن شمتَ برقاً من سحائب جودهِ ** أمِنْتَ بهِ الأملاق طول المعيشةِ

تقوله بالفضل أعداؤه و من ** تقوله الأعداء بأكمل عزةِ

هو الأمجد الغر المعظم شانهُ **هُمَامٌ ، له الأعداء بالفضل قرتِ



ومن مثل سُلطان بن سيف بن مَالك ** إمام الهدى بل رحمة للبريةِ

كريم إذا استسقيتَ منهُ سحائبا ** همتْ بشأبيب النَّوال و سَحتِ

إذا أنت قد وافيته و رجوته ** ترى كل أمر فيه كل مروةِ

تدوس من الأعداء سنابك خيلهِ ** معاطس كانت في عتو و أنفةِ

كأن المنايا و الأماني قسمت ** فـفي راحتيه للورى كل قسمةِ



وقدوتنا الزاكي أبي العَرَبْ الذي ** تدينُ له أقْـيَـال كـل قََـبِيلةِ

ملأَ الأرض عدلاً ثم أمَنا وهيبة ** وساد بأحسان وحُسن الخليقةِ

وأخجل مَعَناً ثم كعباً وحاتماً ** إذا وَهَبتْ يُمنَاهُ بعض الهديةِ

فلو سمعتْ أُسْدُ العَرين ببأسهِ ** وسطوته تحت العجاج لذلتِ

تعذرتْ الأيامُ عن مثلهِ و قد ** نَبَتْ أَلسُنُ الأفكار و كَـلَّتِ

فبوركتَ من قرمٍ حوى كل سُؤددٍ ** و مكرُمةٍ بل كل حُكمٍ وحكمةِ



ومن مثلُ سيفٍ نَجْلُ سُلطان إذ سطا ** هزبرٌ إذا ما الخيل للخيل كَرَتِ

هو السيد المِفْضَالُ ذو الشرفِ الذي ** تَبَوَّأ في العَلياء أرفع رتبةِ

أعد لحربِ المُشركين مدافعا ** فلو صادفت صم الجبال لدكتِ

وأرعن سد الأفق عثر خيوله ** حشاه عنا جيجا وزرق الأسنةِ

خميسا لواء النصر يخفق فوقه ** و يقدمه فتح إمام السريرةِ

شفى النفس من جند النصارى فأصبحوا ** شعاثا وقد باؤوا بذل وخزيةِ

بها لجب كالبحر اغشى بلادهم ** وخضب منهم بالظبا كل لحيةِ

رجيفهم إذ طاول الحرب و إنتمى ** علاه غبار للعاديات المُغِيرةِ

سقتهم كؤوس الحتف أقيَال حِمْيَرٍ **بكل رقيق الشفرتين و مُدْيَةِ

فكم مُهَجٌ منهم تسيل على الظبا ** وكم من دماء بالصوارم طلتِ

ولم يُغْنِ عنهم جمعهم وحصونهم ** ولا ما استعدوها من السابريةِ

تبلج صبح الحق وانطلق الهدى ** بعدل أبي سلطان زاكي الأرومةِ



وسلطان سلطان الملوك و فخرهم ** و بدر معليهم و ضرغام بيئةِ

حوى الجود و الجدوى وكل فضيلةِ ** وفي كفهِ بَحْريّ بأسٍ ونعمةِ

إذا ما انتضى سيفا وهزَّ مُثقفا ** سيورد أهل الجور حوض المَنِّيَةِ

بضربٍ يَقُدُّ البِيضَ و الهَام و الطلا ** ودعس القنا من البطاريق عجتِ

إذا ما التقى الجمعان واشتجر القنا ** وسمر العوالي في النحور اسبكرتِ

يغلق هامات الكمات بأبيض ** يضيء كبرق لاح عند العتيمةِ

غزا الهند بالجرد الجياد و بالقنا ** ودانت له الأقران من أزمنيةِ

وأرض رياضٍ أمَّهَا بعَرَمْرَمٍ ** و صغر أرباب النفوس الأبيةِ

فصبحهم جردا و مردا أفاضلا ** رجالا يرون الحرب أرفع منةِ

أتاهم بها شذر العيون كأنما ** بها حول قد أبدرت كل مقلةِ

فغادرهم جزر السباع تظلهم ** وما اقترفوه من ذنوب عظيمة

وكانوا عصاة ثم دانوا لحكمه ** وكلفهم بالرغم وضع الأكلة



فتلك قيود الأرض أقمار سعدها **حجاحجة أرباب عفو وقدرة

ملوك بنو للمجد بيتا على السما ** وتحت الثرى منه الدعام أستقرت

لهم راية للمجد سامية الذرى ** سمت في معاريج السما و اشمخرت

سما بهم المجد المُـأثل و العلى ** واحكامهم في الناس عز الطريقة

هم الأكرمون الأفاضلون ألوة التقى ** بنوا معقلا للمجد أعلى المجرة

وشادوا الصياصي و المعاقل والعلى ** ودولتهم تعنو لها كل دولة

أقاموا حدود الله بالبيض و القنا ** و أشرق نور العدل في كل بلدة

وضاءات أقاليم الممالك كلها ** بأنوار أسرار لهم قدسية

إلى آخر الدنيا تجل صفاتهم ** وأسمائهم تتلى لكل عزيمة



أولئك أرباب المفاخر و العلى ** عباهلة صبر كرام السجية

إذا وهبوا كانوا غيوثا لمحتد ** وان رهبوا كانوا ليوث الكريهة

ففي الحرب يسقون العدى كؤس الردى ** وفي السلم أرباب الهبات السنية

فحامدهم ألا يرى البث دونه ** إذا اشتدت الهيجاء صعب الشكيمة

لقد جاهدوا لله حق جهاده ** وما وهنوا بل كابدوا كل محنة

وكم بذلوا في طاعة الله أنفسا **وما طلبوا بالمجد نيل الرياسة

وكم وهبوا لله في الحرب أنفسا ** وذاقوا النصارى نكبة بعد نكبة

بجيش ملا الآفاق نقعا وكم له ** وجوه النصارى في لظى الحرب كبت


ذكرت ملوك الأرض من آل يعرب ** بحور الندى الفياض من كل راحةِ

فهم سادتي هم قادتي وأيمتي ** وهم صارمي في الخافقين وجنةِ

أرى حبهم فَرضاً عليَّ وسُنة ** أراعيهم من قبل فرضي وسنتي

إذا أفتخر الأقوام في كل محفل ** تقوم بهم عند التفاخر حُجتي

عفا الله عنهم ثم روّى قبورهم ** بمُنْهّل مدرار من صوب رحمةِ

لقد خصهم بالفضل من رفع السما ** وأشرق علياء عن الكف جلتِ



سل العرب و الأتراك عن آل يعرب ** تجد جللا من ذكر نعمى و بهجةِ

أينكر هذا عند من وطئي الثرى ** ومن كان في بحر وقعر و قريةِ

فمن ذا الذي ينكر يا قوم فضلهم ** وما أسلفوه في القرون الخليةِ

وفير كثير إن تواضعت الورى ** إليهم ودانت بالسجود وخرتِ

متى رمت سلوانا و أملت راحة ** أهاجت بي الذكرى لواعج علةِ

على زمن كـنـَّا نَسُود به الورى ** وأيام عز بالأمجاد وَلتِ

تزلزل طود المجد و أنهدم العلى ** على فقد سادات مضوا و أيمةِ

مناقبهم جلت وقد جل حصرها ** وفي ذروة العلياء فازوا برفعةِ



تقضت ليالي العدل و انطمس الهدى ** فيا خيبة المسعى على ما تقضتِ

ولستُ أرى إلا جموعا تفرقت ** فيا طول مكابذى النهى و الفتوةِ

تفرق ذاكَ الجمع إلا حزازة ** تشب بصدري أثر ذكر وفكرةِ

رعى الله أياما بنا كيف أقبلتْ ** فسرت فلما أنس القلب ولتِ

كذا دأبها الأيام تمضي بأهلها ** فمن ذا الذي قد فاز بالدائمية

عناء على الدنيا فأوقات عزها ** و إقبالها كالمنحة المستردة

وما هي إلا منزل في طريقنا ** تناوب فيها أمة بعد أمة

لقد أسرعت في بسط أوقات عزنا ** وأمالنا الأيام طي الصحيفة



سكنتم ذرى العلياء يا شمس يَعْرُب ** ويا بدر قَحطان سهام المنيةِ

و صيرتم هم السماك لمجدكم ** محلا وكشفتم دجى كل غمةِ

شددتم عرى الإسلام منكم بدولة ** تجلت شموس الحق فيها تحلتِ

وسدتم على كل البسيطة كلها ** بأنوار عدل كالصباح المنيرةِ

تركتم لكل العرب فخرا و سؤددا ** تساموا به في كل باد وحضرةِ

سلام عل الدنيا الدنية بعدكم ** فما هي إلا جيفة أي جيفةِ

ومن صحب الدنيا طويلا تقلبت ** على عينه مابين نوم ويقظةِ



فلولاكم يا سادة العُرْبِ لم يكن ** لنا بين أهل العصر ذكرُ فضيلةِ

فعنَّا وعن ذا الدين يا أشرف الورى ** جزيتم رضا الرحمن في قدس جنةِ

لك الخير أن وافيت ربعا حوى العُلى ** فبلغهم يا صاح عني تحيتي

وشنف بذكر الأكرمين مسامعي ** فذكرهم يحلو على كل صيغةِ

وقل ما تشا في حمدهم و مديحهم ** فلن تبلغ المعشار من شكر نعمةِ

ولو أنت أبصرت الحقيقة لجتلت ** عليك شموس العدل في كل صورةِ



فدع كل شيء غير قول أخا النهى ** ومن ذا له في السابقين كخيرةِ

فلولا اهتمامي لنفردت لهمة **ولا كثرت بين الأقارب عزتي

فصرت أرى العلم اليقين حقيقة ** وتتلوه في المعنى عليَّ بصيرتي

وانطق بالحق اليقين عبارة ** وان كنت مبديه كشعر وحكمةِ

فتعرض أفكار المعاني لناقد ** وتتلى على طلابها بالحقيقةِ



تبارك علام الغيوب ومن له ** على الناس حكم سابق في القضيةِ

فهاك مقالا صاغه الفكر قد سما ** إلى المنزل الأسنى منير الأهلةِ

فتم علي رغم الحسود وكيده **بحول إلهي لا بحولي وقوتي

وأسألك اللهم عفوا ورحمة ** بحرمة طه في رواحي وغدوتي



عليه صلاة الله ما لاح بارق ** وما ناح قُمْرِيٌّ على غصن أثلةِ

كذا الآل و الأصحاب ماذر شارق** وما هب خفاق النسيم بطيبةِ

وأن ناب خطب أو تغطرس فادح **و أمسيت في عصر البلا في رخيةِ

تَبصر هُديتَ الرُشد في كل محفل ** بآراءِ أربابِ العقولِ الزكيةِ


هوامش :

1 - أعتقد أن المُترجم يُشير هنا إلى إخراج الإمام عزان بن قيس البوسعيدي لليعاربة من قصر الحزم بعد حصاره لهم ، لذا أجد خطأ في تاريخ ميلاد الشاعر ، حيث أن اليعاربة خرجوا من الحزم مُراغمين في عهد الإمام عزان بن قيس ، والإمام عزان حكم عُمان 1285 هـ وأستُشهد 1287 هـ ، والمُترجم يقول أن الشاعر ولد في الحزم لذا أعتقد جازماً ـ والله أعلم ـ أن الأمر مجرد خطأ مطبعي ليس إلا ، فأظنه قصد أن ميلاد الشاعر كان 1285 هـ الموافق تقريباً عام 1868م ، وليس 1295 هـ ، وتوفي 1361هـ الموافق تقريباً عام 1941م ، وبذا يكون عمره عند وفاته 76 عاما ، رحمه الله ورحم الإمام عزان وأبائنا الأولين وجميع موتانا وموتى المسلمين .

2- المصدر : كتاب ( قـلائد الجُـمَان في أسماء بعض شعراء عُـمـان ) للكاتب حَـمَـدْ بن سيف بن محمد البُـوسَعِـيدي ، مسقط ، 1413 هـ / 1993 م .



هناك تعليق واحد:

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف