لماذا هذا التدوين

الاثنين، 18 أبريل 2011

وصية الإمام ناصر للوالي سليمان الكندي


عهد الإمام ناصر اليعربي إلى الوالي الموالي سليمان بن راشد الكندي السمدي النزوي رحمه الله ، ونصها :


( بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله الذي أيد هذا الدين بالحجج الإسلامية والدلائل الفرقانية والبراهين المحمدية والملة الحنيفية والسيرة الصديقية والحكمة العمرية والمذاهب الرضوانية ، أحمده حمد من أخلص لله في السر واالعلانية ، وأعوذ به من الفتن الكفرية والمحن الأذية ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة المعتقد المخلص المطهر قلبه من كل دنس ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ؛ أرسله بأفصح الكلم وأبلغ الحكم ، فرحم الله به الأمم وكشف به جميع النقم ، وأسبغ عليهم بطلعته جزيل النعم ، فدعا إلى الله وبشر ؛ وأنذرهم رواجف الراجفة ، وحذر صلى الله عليه آله الفضلاء وأصحابه النجباء ما همهم رعد بالسحائب ووخدت عيس بالسباسب .

أما بعد : فهذا ما يقول المعتصم بالله المتوكل عليه إمام المسلمين ناصر ابن مرشد ابن مالك بن أبي العرب إلى الشيخ الوالي أبي عبدالله سليمان بن راشد بن عبدالله الكندي السمدي رحمه الله ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وأوصيك ونفسي وجميع المسلمين بتقوى الله واللزوم على طاعته ، فاسمع له وأطع ، واقتد في ذلك واتبع فأقول لك :

يا أبا عبدالله إني قد وليتك على بلد الصير وما حولها وما يشتمل عليها من البلدان والمنازل والأوطان وما فيهن من المزارع والأطوى وجميع الأماكن من تلك البلدان على أن تأمر في هذه القرى والبلدان باديهم وحاضرهم وعبدهم وحرهم وصغيرهم وكبيرهم بالمعروف والهدى وتنهاهم عن المناكر والأهوى ؛ وتحي فيهم دين الله العزيز الحكيم وسنة النبي القويم وطريقة الفضلاء الراشدين والأئمة القانتين الذين جعلهم الله حجة للأنام ومصباحا للظلام ، يقودون الناس إلى طاعة الإسلام ويدعون إلى دين الله ذي الجلال والإكرام ؛ وأن توالي في الله وتعادي في الله ولا تأخذك في الله عذلة عاذل ولومة لئيم مائل ؛ وأن تخلط اللين بالصلابة وتخفض جناحك لمن اتبعك من الإخوان والأصحاب والقرابة ؛ ومن كل الخليقة وتستقيم في جميع أمورك على الحقيقة وأن تعرف قدر كل امرئ وتؤتيه حقه وتوفيه نصيبه ورزقه كما قال عز وجل ( وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون )

فالله الله يا أبا عبدالله في دفع السيئات بالحسنات ، وإنكار المناكر في جميع البلدان والفلوات لغير تجاوز منك إلى غير واجب أوجبه الله في التشمير ؛ وجد في جميع أمورك بالتدبير الرضواني وترك التهاون والتقصير عن صرف الأمر البهتاني ، بيد أنك قائم في تلك المنازل والبلدان مقامي ، وسالك طريقتي وأعلامي فاجتهد قرة عيني في إصلاح ولايتك ؛ والعدل بين رعيتك وعمارة مساجدهم ، والصفح عن مسيئهم والألفة والتقرب لمحسنهم ، والتجاوز عن سيئاتهم ما وسعك من ذلك وأن تقبض زكواتهم من غنيهم وتجعلها في فقيرهم وضعيفهم بعدلها : طيبة نفس من أعطاكها إلا من وجب جبره عليها ما وسعك من ذلك ؛ ولا تهمل أمورك وفقراءك فتجسس عنهم من جميع بلدانك ومنازلك لتواسيهم من مال الله ما وسعك من ذلك ؛ ولا تدعهم يتكففون إليك باكين حزنين سدمين من شدة الضرورات من الجوع والسغب ؛ فإن جمة منهم لم تقدر أن تلقى إليك من حياء أو ألم ، فلا تهمل ذلك ولا تكن من الغافلين ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) ، وتوكل عليه وما ربك بظلام للعبيد .

فالله الله يا أبا عبدالله في السيرة الحسنة والطريقة المستحسنة وكن وقورا حذرا صامتا بمجلسك متبعا سنة نبيك مستقيما في دينك متورعا رفيقا بالمؤمنين مطيقا على المصرين ، وقد جعلت لك يا أبا عبدالله أن تكرم الضيف النازل من غير تقصير ولا حيف ؛ فإذا أردت المسير من الصير إلى نزوى أو غيرها فاترك على أمانتك من يخاف الله من ذات نفسه وأنت لا تمر على منزل إلا أصلحته ولا مظلوم إلا أنصفته ولا فقير إلا واسيته ولا مكان إلا وأمرت فيه بالمعروف ونهيت عن المنكر ، فإن ظهرت بدع أو فتن ، أو مات أحد مظلوما أو جوعا وأنت تعلم به ولم تستقم فيه وخالفت ما أمرتك به ؛ فأنا ومال المسلمين بريئان منك وهو في رقبتك دون رقبتي وأنت الرهين به يوم المناقشة والأخذ بالظلامة ، فإني امرؤ أعزني الله بدينه وأرشدني بطريقة نبيه وأمينه ؛ ولا أثرة عندي لظالم ولا شدة عندي لمسلم راحم ؛ وقد ألزمت من في هذه البلدان والفيافي والقفار طاعتك وحجرت عليه معصيتك ما استقمت حق الاستقامة في جميع أمورك فشمر لذلك عن ساق ، واجتهد في تحفظ الحجج يوم التلاق ، واقف في ذلك آثار الذين هاجروا وآووا ونصروا دين المهيمن الخلاق ؛ واجتهدوا في كسر شوكة الكفر والنفاق ، وحسم كرة الذين اجتمعوا على الفواحش والشقاق ، وقوموا لله آناء الليل وأطراف النهار ، وابكوا فرقين من إصلاح دار البوار ؛ متقين الله في العلانية والأسرار ؛ واذكروا الله كثيرا ، وصلى الله على نبيه وآله وسلم تسليما ، واستعن بالله بكرة وأصيلا ولا تكن من الغافلين ( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحون له ويسجدون ) والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ؛ بلغ سلامنا جملة الإخوان ) .

المصدر : كتاب ( تحفة الأعيان ) للعلامة نور الدين السالمي .

هناك 12 تعليقًا:

  1. شكرا جزيلا على هذه المعلومات القيمة

    ردحذف
  2. With over 30 years of specialisation in seamless flooring, Flawless Flooring
    has managed to satisfy the different and unique requirements of
    every customer. Blistering heat and bitter freezing cold can crack the
    toughest of concrete.
    And when we would cut for the plumbing work, I had to patch around that and make it solid.

    ردحذف
  3. انا اريد شرح النص

    ردحذف
  4. مشكوريييييييييين

    ردحذف
  5. شكررررررررررا

    ردحذف
  6. اريد شرح

    ردحذف
  7. تحية طيبة

    الأخ الكريم الذي طلب شرح للنص .. أتمنى التفضل بطرح النقاط التي تحتاج للشرح لها ، لتسهل الأمر علينا ، وبإذن الله سنبذل الجهد في ذلك .


    شكرا لك ولجميع الأخوة الذين مروا هنا .

    ردحذف
  8. لله در الأمام الجليل
    أخلاقه المحمدية ورصانة فكره وحصافة لسانه تجعلني أفخر به
    غفر الله لسيدي الإمام ناصر وجمعني واياه بجنان الفردوس فانني والله اعشق سيرته

    ردحذف
  9. شكرااااأاا ع المعلومات القيمة

    ردحذف
  10. شكرا على المعلومات القيمة

    ردحذف
  11. اللهم آمين .

    شاكر لكم أيها الأخوة تواجدكم في المدونة

    ردحذف