لماذا هذا التدوين

الاثنين، 18 أبريل 2011

رسالة الإمام سلطان الأول إلى ملك صنعاء اليمن





(( بسم الله الرحمن الرحيم: من إمام المسلمين سلطان بن سيف بن مالك رأس العرب اليعربي العماني إلى عالي ذروة الجناب المعظم الهمام المكرم إسماعيل بن القاسم القرشي العربي.

أما بعد: فإنا نحمد الله على آلائه وجميل صنعه وبلائه، ونسترشده إلى سلوك سبيل رضاه ونستزيده من خزائن مواهبه وعطاه إنه بيده مفاتيح كل خير وكفاية كل بؤس وضير، وإن سألت أيها المحب عنا ورمت كيفية الحال منا فإنا نحمد الله في حال يسر به الودود، ويساء به الحسود.

ثم لتعلم أيها الملك إنه قد وصل إلينا في مدة أيام قد تصرمت وشهور قد تخرمت رجل من جنابكم يزعم أنكم أرسلتم بيده طروساً بها درر من رائق لفظكم وخطابكم غير أنه يقول إن المركب الذي أقبل فيه عابه الانكسار فغرق في اليم، فأدرك الطروس المسطرة حكم التلف، ثم بيد أنه قد أفاه إلينا من نتائج لسانه، ولتضح لنا من واضح نطقه وبيانه أنكم علينا عاتبون ومنا واجدون لأجل قطع خدامنا في العام الماضي مراكب رقاب المشركين على بابكم وأخذهم لسفنهم الواردة لجنابكم، ولعمري إنا لندري أن العتاب بين الأخلاء عنوان المودة الخالصة والصفاء وزائد محض المودة الصادقة والوفاء غير أنه يجب عند اقتراف الجرائم وانتهاك المحارم، فإنا نحن لم نقصد إلى انتهاك ذلك سبيلا، ولا نجد لك على إلزام فعل ذلك دليلا، إذ كنا لم نجهز مراكبنا ونتخذ مخالبنا ليسارة رعيتك ولا استباحة دم أهل حكمك وقضيتك، ولكن جهزنا الجيوش والعساكر، وأعددنا اللهاذمش والبواتر لتدمير عبدة الأوثان وأعداء الملك الديان تعرضا منا لرضاء رب العالمين، وإحياء لسنة نبيه الأمين، ورغبة في إدراك أجر الصابرين المجاهدين، وحاشى لمثلك أن يغضب لقتال عبدة الأصنام وأعداء الله والإسلام، ألست من سلالة علي بن أبي طالب الساقي للمشركين وبى المشارب، وأنت تدري بما جرى بيننا وإياهم من قبل في سواحل عمان وفي سائر الأماكن والبلدان من سفك الدماء وكثرة الصيام وتناهب الأملاك والأموال، وإنا لنأخذهم في كل موضع تحل به مراكبهم وتغشاه حتى من كنج وجيرون بندرى الشاه، ولم يظهر لنا من أجل ذلك عقابا ولا نكيرا، وإن كنت في شك من ذلك فاسأل به خبيرا أولا نذكرك أيها الملك، والذكرى تنفع المؤمنين، وإنا لك من المنذرين وعليك من المحذرين.

إنا لما ملكنا تلك الأيام بلدة ظفار وهي عنا نازحة في الفيافي والقفارلم نر في ملكها صلاحا لشيء أوجبه منا النظر وحاكته الأذهان والفكر، فتركناها لا من خوف قوة قاهرة ولا كلمة علينا ظاهرة ولا يد غالبة ولا كف سالبة، وحين ما خرج عنها عاملنا خلف خلف بها شيئا من مدافع المسلمين لغفلة جرت عن حملها في ذلك الحين، ولما ملكتم أنتم زمام عيسها واجتلبتم ضوء بدرها وشمسها لم تدفعوا لنا تلك المدافع، كأن لم يكن وراءها ذائد ولا دافع.

فاعلم أيها الملك أن البعل غيور والليث هصور والحر على غير الإهانة صبور، ومن أنذر فقد أعذر، وما غدر من حذر، على أن في اصطلاح ذات بيننا وبينكم راغبون طالبون وفي استبقاء صحبتك راغبون ولإطفاء الفتن وإخماد المحن بيننا وإياك مؤثرون، فإن كنت راغبا في الذي فيه رغبنا، وطالبا لما له طلبنا، فادفع لنا إياها ولا تحتس بسرعة الاعتداء حمياها، وإن أبيت إلى الميل إلى اغتنامها والجزم على خبط ظلامها، ففي الاستعانة بالله على من اعتدى وسعة ومن كان مع الله كان الله معه، وحسبنا الله ونعم الوكيل والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ))) .


أنتهت رسالة الإمام سلطان الأول ،،،



وهذا جواب ملك صنعاء اليمن:

بسم الله الرحمن الرحيم: من شمس سماء الخلافة العلية، ومضرب سرادقات الشريعة المحمدية إلى قاضية أرض الملك المالك سلطان بن سيف بن مالك اليعربي العربي العماني أراه الله نهج الهداية وجنبه مسلك الضلال والغواية.

أما بعد: حمدا لله والصلاة والسلام على نبيه الأمين وعلى وصيه الأترع البطين الحاصد سيفه رءوس المارقين، وقد وصل كتابك الذي شحنته بالأبراق والارعاد وعدلت به من تحسين العتاب إلى تخشينالخطاب، ظنا منك أن هذيان وعيدك وطنين ذباب تهديدك يزعزع من بأسنا صخرة صماء أو يحرك من وقارنا جبلا أشما فكيف يكون ذلك.

وأسيافنا في كل شرق ومغربٍ ** بها من قراع الدارعين فلول

أين ذهب حجاؤك حتى طلبت منا المدافع بهذه الأراجيف والبقاقع وإنما تقطع أعناق الرجال المطامع أما علمت أن الليث إذا هيج على فريسة كان أشد إقداما وأعظم جرأة واعتزاما، لا جرم أنها لما تأت بنا وبك الديار وحالت دوننا ودونك الأمصار فاسترسلت لفظك فجاوزت في سوء المقدار حدك وانفردت بأرضك فطلبت الطعن والنزال وحدك.

يا سالكا بين الصوارم والقنا ** إني أشم عليك رائحة الدم

فاقطع عرى آمالك عن هذه المدافع فهي أول غنيمة إن شاء الله من قطرك الشاسع، وقد دعوتنا على النزول على حكم الظباء والأسل

فالبث قليلا تلحق الهيجا جمل ونحن من القوم الذين سقوا قومك يوم النهروان كؤوس الحتوف، وأنتم أتباع من سقى، فما بدأ به أوائلنا في سلفكم، ختمنا به من بقي والسلام ))


انتهى جوابه ملك صنعاء .



تعقيبات بعض الأدباء والعلماء على الرسالتين :

يقول الأستاذ الدكتور شوقي ضيف : ( والكتاب حقاً محزن ، إذ كان المنتظر أن يضع إسماعيل بن القاسم يده في يد سلطان بن سيف حين جاءه كتابه ، ويعود إليه صوابه ، ويعلن نصرته له ضد البرتغاليين الآثمين ، وعلى العكس من ذلك مضى في غيِّه يتوعد سلطان بن سيف بمعركة كمعركة النهروان التي تعقب فيها علي بن أبي طالب الخوارج ومزَّق جموعهم ، وكان حريا أن يحييِّ فيه جهاده للبرتغاليين ويشدَّ أزره ، لابرد المدافع والأسلحة التي تركها في ظفار فحسب بل أيضا بإمداده بالأموال ، أن لم يستطع أن يمده بالفرسان والرجال ) . من كتاب ( تاريخ الأدب العربي : عصر الدول والإمارات : الجزيرة العربية ـ العراق ـ إيران )








هناك تعليق واحد: