الخميس، 17 فبراير 2011

مدرسة جبرين

صورة لغرفة التدريس في قصر جبرين وكانت شعاع لتعليم القرآن والعلوم











العلم حياة الأمة

كان الإمام بلعرب بن سلطان رحمه الله رأى أن العمانيين قد بلغوا شأوا بعيدا في الزعامة، وأضافوا إلى عمان ممالك عديدة، أصبحت تلبي دعوتهم وتجيب نداءهم، ولهم صوت عال في العلم يتقدم يوما فيوما إلا أن العلم قليل بالنسبة إلى اتساع الدولة، وعلو شأنها واتساع رقعتها، والأمل في المقبل سيرها قدما، فإن جيوشها عبر الأقاليم في آسيا شرقا وغربا، ولها نشاط محسوس، فمالت نفسه إلى نشر العلم في عمان كما ينبغي تبعا لقوله عز وجل:فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ 43.

وكان من قدر الله أن زار عمان في هذه الأثناء أحد علماء الإباضية أهل المغرب، يقال له الشيخ عمر بن سعيد بن محمد بن زكريا الجربي من أهل جربه خاصة، فرأى أحوال عمان وتقدمها في العدة والعدد، واتصالها بالعالم الخارجي، ورأى جيوشها الضخمة، وجنودها الفخمة، وعساكرها المتحمسة،فسره ما رآه وابتهج بما رأى وسمع، وعلى كل حال إن المحب يسره تقدم أحبابه في الخير، ولكنه لاحظ معاهد العلم لا تقدم لها ولا نشاط فيها بالنسبة إلى نشاط الدولة، فكتب بلعرب كتابا يدعوه فيه إلى الالتفات نحو الناحية العلمية، والحقيقة كل يدعو إلى ما يجب، والعلم هو الحياة رغم كل شيء ولا عز ولا شرف إلا بالعلم، ولا ترتقب إلا به.

وهذا أمر مجرب معقول في كل جيل، فكان الشيخ الجربى جاء في نصيحته بتحقيق لا ينكر، ومقال لا يستنكر، بل بين كل شيء يلزم في هذا المقام، وتحدث في كتابه عن كل لزام ونبه وأيقظ وبين وحرض، وما قصر في سبيل ما هو بصدده، وعلى كل حال إنما تنجح المقالة في المرء إذا صادفت هوى في الفؤاد.
كانت رغبة الإمام مائلة إلى نشر العلم والاعتناء به، فجاء الشيخ الجربي فقدح الزناد وحرك الفؤاد، وأبان المراد ووضع الصلاح والسداد، واستفرغ الوسع في النصح والإرشاد، فكانت دعوته في هذه مستجابة ونصيحته بالغة مبلغها من الإمام رحمه الله، فقام بواجبه واجتهد مبلغ طاقته، وأمر بالتعليم في جميع نواحي عمان، وخصص مدرسة جبرين بالرعاية، فدعا العلماء والمبتدئين والطلبة من العمانيين فقابلهم بالإكرام التام، ورعاهم بالإحسان والإنعام، وغذاهم بأطيب الطعام، لتطيب نفوسهم وتنشط الأفهام، وتنتبه القلوب وتتسابق الطلبة، وتتقدم في ميدان الجد والاجتهاد فكان لهم أبا رحيما وسيدا كريما. قال الإمام السالمي رحمه الله.





مدرسة جبرين وذكر بعض المتخرجين

كان الإمام بلعرب رحمه الله المحب للعلم بطبيعة الحال، ومن أحب شيء أكثر من ذكره، ولما جاء الشيخ المغربي الجربي رحمه الله وكتب للإمام المرضى رحمه الله تلك النصيحة الصادقة التي أثارت حفيظة الإمام ونشطته، فأقام المدرسة بالقصر خاصة، وعين الغرف العالية من القصر لها، وهي غرف فاخرة جميلة، ذات رونق بديع لها اتصال بالفلج الذي في بطن القصر، ولا يرى من فيها في حال دخوله وخروجه أحدا من عوائل القصر وخدمه، للهندسة التي يسرها الله لهذا الإمام الجليل في هذا القصر العظيم، فإنه من بدائع البناء الذي يحتار فيه الواصف، فكان الإمام معهم ليلا ونهارا، وكان له اعتناء عظيم بهم، فكانوا إليه من شتى النواحي كما يقل القائل:

فكانوا يقبلون على حماه
كأسراب الظباء رأت معينا


فقامت لهذه المدرسة كبكبة من رجال العلم والأدب ، وشاع لها ذكر، وابتهج بها العمانيون غاية الابتهاج، فأثمر غراسها الثمر الحلو الذي تحيا به البلاد والعباد.

قال الإمام رحمه الله: فيقال إنه خرج من هذه المدرسة التي في حصن جبرين خمسون عالما كلهم أهل اجتهاد. قال: وقد أكثر الناس الثناء على هذا الإمام. قلت: إن الذين تخرجوا من هذه المدرسة أكثر من خمسين عالما بلغوا درجة الاجتهاد، فما ظنك بغيرهم ممن هم دونهم، وما ظنك بالأدباء والشعراء الذين استنار قرائحهم بنور
العلم، واتسعت مداركهم بقوة الفهم، وكيف لا يكونون كذلك وعواطف الإمام تربيتهم، ومراحمة حافة بهم، وعنايتهم شاملة لهم، والشجر إذا سقى طال واتسق وأثمر0

قال الإمام رحمة الله: فقيل أنة كان يخدمهم بنفسه هنالك، وكان يختار لهم العطورات المقوية للأذهان والأطعمة المولدة للحفظ اهتماما كليا من صميم القلب، قال ابن زريق، وهو يذكر حين جبرين ، قال: ونصب فيه مدرسة للعلماء والمتعلمين، قال: رغبهم يبذل المال وأكل الفواكه, فنالت العلم بكرمه الطلبة, فغدا من كان متعلما أي معه مبادئ علمية, فقيها أي اتسع أفق علمه, فصار في صف أهل العلم المنظور إليهم بأعين التوقير, وصار الطالب عالما.

قال: ومن كان أديبا أي له في الأدب صار شاعرا فحلا متصرفا في العربية, له فيها يد, فمن المتعلمين الذين صاروا بعد ذلك علماء جهابذة مثل الشيخ خلف بن سنان الغافري, والشيخ سعيد ابن محمد بن عبيدان وغيرهما كثير, قال: ومن جملة الذين تربوا بكرمه الشيخ راشد بن خميس الحبسي الضرير, وغيره. قلت: لم يذكر منهم الذين يستحقون الذكر علماء وأدبا وعبادا وزهادا وغيرهم وهذا من قصور التاريخ.

وتوفي الإمام بلعرب بن سلطان سنة1104أربع ومائة وألف أي في أول القرن الثاني عشر للهجرة.

هناك 12 تعليقًا:

  1. I like the valuable info you supply to your articles. I'll bookmark your weblog and test once more right here frequently. I am fairly sure I will be informed lots of new stuff right right here! Good luck for the next!

    Also visit my page; Best TV Series Download

    ردحذف
  2. Some truly fantastic content on this web site, appreciate it for contribution.
    "We are always in search of the redeeming formula, the crystallizing thought." by Etty Hillesum.


    Feel free to visit my website sharecash survey

    ردحذف
  3. You are so cool! I do not believe I've truly read a single thing like this before. So nice to discover another person with a few unique thoughts on this subject. Seriously.. thank you for starting this up. This site is one thing that's needed on
    the web, someone with a little originality!

    Here is my webpage; send unlimited sms for free

    ردحذف
  4. It's awesome in support of me to have a website, which is beneficial designed for my knowledge. thanks admin

    Also visit my web site; mw2 aimbot

    ردحذف
  5. Hello, Neat post. There's a problem with your website in web explorer, might check this? IE nonetheless is the market leader and a large component of people will leave out your magnificent writing because of this problem.

    Also visit my webpage - Minecraft Premium Hack

    ردحذف
  6. You actually make it seem so easy with your presentation but I
    in finding this topic to be really one thing which I feel I'd never understand. It seems too complex and extremely large for me. I am having a look ahead in your subsequent put up, I'll try to get the hang
    of it!

    My page ... get free dragonvale gems

    ردحذف
  7. I believe this web site contains some really fantastic info for everyone :
    D. "Morality, like art, means a drawing a line someplace." by Oscar Wilde.


    Here is my weblog - twitter password reset

    ردحذف
  8. Wow! Finally I got a blog from where I be able to truly
    obtain helpful facts regarding my study and knowledge.


    My page: soundcloud downloader

    ردحذف
  9. معلومات قيمه جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  10. شكرا على المعلومات القيمة👍😍👍👍👍👍👍👍👍

    ردحذف
  11. شكر الله سعيك وزاد في علمك وكثر من أمثالك لا تبخل علينا من هذه الدرر التاريخية

    ردحذف
  12. شكرا لكم أيها الأخوة الكرام

    جزاكم الله خيرا

    ردحذف