الاثنين، 18 أبريل 2011

وصية الإمام ناصر لواليه أبي الحسن علي بن أحمد حين ولاه



عهد الإمام ناصر إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن عثمان بن عمر النزوي ، ونصها :


( بسم الله الرحمن الرحيم عونك يا رب الحمد لله الذي أظهر كلمة الحق وأعلاها ودرس كلمة الباطل وأرداها وأنار أنوار الإسلام وأضاءها وأطفأ نيران الآثام وأذواها ؛ أحمده على ما تفضل علينا من جزيل النعم وعلم الإنسان ما لم يعلم ، وأشكره شكر من أناب إليه وتوكل حق التوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أعدها ليوم الفزع الأكبر والهول الفضيع الأبهر ؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالبراهين المنيرة والدلائل المستنيرة صلى الله عليه وعلى آله الفضلاء الأتقياء الأرضياء الأولياء ما طار طائر في الهواء وحدا حاد بسباسب البهماء .

أما بعد : فهذا ما يقول المعتصم بالله المتوكل عليه ناصر بن مرشد بن مالك ابن أبي العرب إلى الشيخ الوالي أبي الحسن علي بن أحمد بن عمر بن عثمان رحمه الله فإني احمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، وأوصيك ونفسي وجميع المسلمين بتقوى الله واللزوم على طاعته فأقول :

يا أبا الحسن إني قد وليتك على قرية لوى من الباطنة وما حولها وما يشتمل عليها من بلدان الباطنة وحتى ديار الحدان والجو وناجوان حاتا حزان( ) ودما وما يشتمل على هذه القرى والبلدان وما فيهن وما بينهن من المزارع والأطوى ؛ وجميع الأماكن أن تأمر في هذه القرى والبلدان ؛ باديهم وحاضرهم ، وعبدهم وحرهم ، وصغيرهم وكبيرهم ، وغنيهم وفقيرهم ، بالعدل والمعروف ، وتنهاهم عن المنكر المخوف ، وأن تعمل فيهم بكتاب الله المستبين ، وتحي فيهم سنة النبي الأمين وآثار الأئمة المهتدين وسيرة القادة المخلصين الذين جعلهم الله منار الهدى وقادة الناس إلى التقوى ، وأورثهم الكتاب والسنة يدعون إلى طريق الجنة ، وأن توالي في الله وتعادي فيه ، ولا تأخذك في ذلك رأفة ولا رحمة ، ولا تخف في الله لومة لائم ولا عذل مجرم آثم ،وأن تخلط الشدة باللين ، وأن تخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ؛ وأن تعرف لكل امرئ حقه وتوفيه إياه كاملا ، وتؤتي ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ، ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون ، فالله الله يا أبا الحسن في اقتراف الحسنات وإنكار المنكرات بغير تجاوز منك إلى غير واجب أوجبه الله في الجد والتشمير ؛ وترك التهاون والتقصير وأن تجتهد كل الجهد في إصلاح أهل ولايتك ؛ وإصلاح أفلاجهم وعمارة مساجدهم والصفح عن مسيئهم ، والتجاوز عن سيئاتهم ما وسعك من ذلك ، وأن تقبض زكواتهم من أغنيائهم بحقها ، وتجعلها في أهلها من فقرائهم وضعفائهم بعدلها ، طيبة نفس معطيها إلا من وجب جبر ه ؛ ولا يخفى عليك إن شاء الله .

فالله الله يا أبا الحسن في التفحص عن فقيرهم وضعيفهم من جميع أماكن ولايتك لتساويهم من مال الله ما وسعك من ذلك ، ولا تدعهم يتعسفون إليك من السغب والعري ؛ واجعل لهم أعوانا من إخوانك ليتفحصوا عنهم ، فإن كثيرا من الفقراء يقصر عن المجيء إليك من حياء أو ضعف فيقف عنك وهو في ضرر عظيم من شدة فقره وفاقته ، وقد جعلت لك يا أبا الحسن أن تعامل على صوافي ولايتك بمزارعة أو قعادة وقبض غوالها ووضعها في موضعها ما وسعك من ذلك ، وقد جعلت لك أن تنفق على الشراة ومن وضع نفسه معك من أهل القرى من مال المسلمين على قدر ما تراه عدلا ، وقد جعلت لك حبس من يجب حبسه من غير حيف ولا ميل لأحد .

وقد جعلت لك إطعام الضيف النازل على قدر ما تراه عدلا من آثار المسلمين ، ولا تأتمن على ما ائتمنك عليه من أماني التي أنا أمين لله فيها إلا من هو حقيق بذلك في دين المسلمين ، وقد جعلت لك حماية البلاد والذب عنها ؛ عن الحريم والعباد ، وألزمت جميع أهل القرى طاعتك وحجرت عليهم معصيتك ما أطعت الله ورسوله فيهم ، وقمت بما شرطته عليك في عهدي هذا إليك ، فإن خالفت إلى غير ما أمرتك به ، فأنا ومال المسلمين بريئان منك وأنت المأخوذ في نفسك ومالك .

واعلم أنه لا أثرة عندي لظالم ولا حيف عندي لمسلم ، بل إرادتي إعزاز دين الله عز وجل وإحياء سنن النبي المرسل وإظهار دعوة المسلمين والأخذ على أيدي الظالمين وإخماد كلمة المعتدين وكسر شوكتهم وإطفاء بدعتهم وتفريق جماعتهم التي يجتمعون فيها على الحرام والخوض في الآثام وانتهاك عظيمات الأمور ما استطعت إلى ذلك .

فالله الله يا أبا الحسن ، اتق الله حق تقاته وخفه حق الخوف ما استطعت إلى ذلك ( واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم المحسنون ) وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما . وكان الكتاب عشية الأحد لخمس ليال بقين من شهر ذي الحجة من سنة خمسين وألف من الهجرة النبوية . كتبه الإمام ناصر بن مرشد بيده ) .


المصدر : كتاب ( تحفة الأعيان ) لنور الدين السالمي

هناك 5 تعليقات:

  1. بوركت مساعيكم

    وتذكروا المقولة:
    لا تكن صلبا فتكسر ولا لينا فتعصر

    ردحذف
  2. If there's give in the stakes or the form, neither of them are doing their jobs correctly. Another benefit of rubber mulch versus typical mulch is its lifespan. For faster setting concrete, use less water, for more workability, use more water.

    ردحذف
  3. شكرا على هذا المجهود الرائع

    ردحذف
    الردود
    1. مشكور، وجزاك الله خيراً .

      حذف