موقعه :
يقع قصر جبرين في ولاية بُهلا في المنطقة الداخلية وقد أخذ أسمه من اسم البلدة التي بُني بها وهي جِـبْـرِين ( كسرة على الجيم ) وأحيانا تذكر في المصادر التاريخية باسم يبرين .
وتقع جبرين على الطريق الرئيسة التي تربط ولاية بهلا بولاية عبري وصولا إلى محافظة مسقط .
القصر يُعتبر من أجمل قلاع عُـمان ، حيث أن غالب القِـلاع كان بنائها يتم على عجل لأسباب عسكرية ، أما قصر جبرين فقد بني على مهل وقد زخرف بزخارف جميلة وألوان جميلة ، كتب الكثيرون عنه في الكتب وفي مقالات في الصحف وأهم الكتب التي درست زخارف جبرين هو كتاب ( قصر جبرين و كتاباته ) إعداد الدكتور ( إيروس بلديسيرا ) أستاذ الأدب العربي بجامعة البندقية في إيطاليا . بطلب من وزارة التراث والثقافة العُمانية .
و من أجمل ما قيل في مدح قصر جبرين هي أبيات للشيخ علي بن ناصر الريامي ، يقول فيها :
الله أكبر من قصر عَلا و سَمَا ** وحِصْنَ عِـزٍّ بـ ( يبرين ) العُلا رَسَمَا
أكرم به إنُّه الصَرح الذي ثَبُتَتْ ** أصوله وله فرع سَمَا لِسَمَا
هو العِمَاد على ذاتِ العِمَاد عَلَىَ ** مَجداً وفخراً وما أبغى به إرما
تصاغرتْ عظمة الشهبا لعظمته ** فما لها بعد رؤياه ترى عظما
لو كانت الجنة الفردوس يشبهها ** شيء لقلنا هو الشَبِهُ الذي عَظُمَا
لم يَخْشَ سَاكِنَهُ في طولِ مُدتِهِ ** غير الإلهِ ولا عُرْبٌ ولا عَجَمَا
لو سَاَلَم الموت ذا عِـزٍّ ومرتبةٍ ** لكان ساكنهُ مِنُّه لقد سَلِمَا
وقوله : ( تصاغرت عظمة الشهبا لعظمته ) يقصد بالشهباء قلعة نَزوى ـ وهو لقبها ـ التي بناها الإمام سـلـطـان الأول لأسباب عسكرية ودفاعية وهو والد الإمام بِلعَـرَب .
ولقد قامت الحكومة بأعادة ترميم القصر ( أو الحصن ) ليستعيد رونقه ، وهو يستقبل أفواجا من السياح سنويا ويحتل ثاني مرتبة ضمن أكثر ثلاثة قلاع آخرى يتوافد عليها السياح سنويا بزيارتها كمزارات أساسية ضمن جدول محطاتهم السياحية ، والقلاع حسب الترتيب : نزوى ، وجبرين ، و الـرُّسْتَـاق . و أن أكثر الجنسيات زيارةً للحصن هم : الألمان ، والسوسريين ، والنمساويين .
حوى القصر في عهد الإمام بَـلْـعَـرَب مدرسة عُرفة باسم ( مدرسة جبرين ) ، وكانت بمثابة الجامعة ، وقد تخرج منها أفواج من العُلماء والأدباء والشعراء في عُمان حينئذ .
وكان قد أقترح عليهِ إنشاءها الشيخ عمر بن سعيد بن محمد بن زكريا الجربي من أهل جربة في تونس وهو أحد مشائخ الإباضية في تونس ، حيث كان حينئذ يزور عُمان ، فأقترح على الإمام الفكرة فتقبلها الإمام بصدر رحب و شرع في تنفيذها ، فخصص جناح في قصره كمدرسة ليُشرف عليها بنفسه . وكان ـ رحمه الله تعالى ـ يختار لهم بنفسه أجود الطعام ، وأجود البخور ، حتى أنه كان يخدم الطلاب بنفسه تواضعا منه وحبا للعلم والعلماء .
كان يُلقب بـ ( أبي العرب ) بسبب كرمه وجوده المشهور ، كان محبا للعلم والعلماء سمح الخليق عالي الطيبة . و يوجد قبر الإمام بِلعرب في الطابق الأرضي من القصر ، وقد تُوفي ـ رحمه الله ـ عام 1692م .
بانيه :
باني هذا القصر هو الإمام بلعـرب بن الإمام سلطان الأول بن سيف اليعربي ، و تذكر بعض المصادر أن بناء القصر أستغرق ثلاثين عام . وقد تم بناءه عام 1678م .
جماليات قصر جبرين :
بنى الإمام بلعـرب قصر جبرين ليكون سكنه الخاص لذلك نجده يختلف عن باقي القلاع العُمانية وخاصة التي بناها أسلاف الإمام بلعـرب ، نجد عناية خاصة بالزخارف والناحية الجمالية ، والحقيقة أن زيارة هذا القصر تأخذك بعيدا عبر عبق التاريخ الجميل ، وخاصة أنه شُيد وسط بساتين النخيل التي يتم أعادة زراعتها من جديد .
أغلب الزخارف ـ وكما كانت عادة المسلمين ـ كانت عبارة عن آيات قرآنية مثل :
قوله تعالى :(نصر من الله وفتح قريب)
وآية الكرسي والمعوذتين ، ووآيات مثل قوله تعالى : { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }الحشر23
وأبيات شعرية قالها الشعراء في مدح الإمام بلعرب ، مثل :
بنيت بيت العُلى ياابن الإمام على هام الأعادي ** محل السبعة الشهب
و :
لم يكفه شرف القبيلة فابتنى ** بيتا على فلك السها أوتاده
، وكذلك بعض الحكم الجميلة ، وبعض الجمل الدعائية للإمام مثل ( مؤيداً في البرايا يا أبا العرب) و ( فدم وعش وأسلم مابدا قمرٌ)
وكتب على شاهد القبر ( والشاهد هو الحجر الذي يوضع على رأس القبر) :
(( سبحان من تفرد بالعز والبقاء وحكم على عباده بالموت والفناء ، فقال عز من قائل (كل شيء هالك إلا وجهه ) وقال عز وجل :"كل نفس ذائقة الموت" وقال تبارك وتعالى "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" ، هذا قبر الملك الحلاحل والإمام العادل بلعرب بن سلطان بن سيف بن مالك بن بلعرب بن سلطان اليعربي رحمه الله عز وجل ، وقال سالم بن محمد المحروقي البهلوي :
طلبت من الدنيا الفضول غباوة ** وجهلا وأدنى القوت قد كان يكفيني
وقد بلغ الحرص المدى بي وبلغة ** من الزاد تكفيني إلى يوم تكفيني
كفى عظة للعارفين وعبرة ** بما فعلت أيدي الليالي بيبرينِ
بها ملك كان الزمان يريشني ** بسيب نداه بعد ما كان يبريني
وقد طال مادان الملوك لباسمه ** وذلت له طوعا رقاب السلاطين
وأصبح بعد العز والنهى ، ثاويا ** ببطن الثرى بين الحجارة والطينِ ) .... أنتهى الكلام المكتوب على الشاهد .
صور لقصر جبرين وجمالياته :
--
جزاكم الله خيزا
ردحذف