وهذه نصيحة من الشيخ سعيد بن أحمد بن محمد الخراساني لأحد الإمامين ناصر بن مرشد أو سلطان بن سيف لم يعرف الناقل لأيهما كان، قال رحمه الله:
( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أيد هذه الأمة برحمته ونصره، ومن عليها بمن ارتضاه من أبناء دهره وعصره وملكه الشطر من ملكه وقهره وأطاع له من خلقه بما يقوي به على نهيه وأمره، وجعل له خليفة بعد أخرى يذب بها عنها كل شيطان تملأ عتوا وكبرا، وملأ نحره ظلما ووزرا، وتجبر في الأرض علوا وفخرا وملكهم بالجبر إذلالا وقهرا، رحمة منه ونعمة بعد أخرى، فيا لها نعمة عظمة علوا وقدرا، ومنة منه عليها ثقلت تأدية وشكرا ابتلاء من الله ونظرا وخبرا. وصلى الله على خير خلقه محمد وأئمة الهدى الموفية بالعهد نهيا وأمرا، المؤمنة بقضائه حلواً ومراً.
أما بعد: إمام المسلمين أنا وإياك ركاب سفينة تجري بنا في بحر لجي عميق، تلعب بها الرياح، فتضطرب بها مرة وتسكن أخرى، فاعتصم بالله وتوكل عليه واسأله السلامة لك ومن معك فيها بدعاء وتضرع وخوف ووجل ونية صادقة خالصة من دنس المعائب ودرن الذنوب فأنا وإياك ناجون فيها أو غرقا بمن فيها، فإنا في أمر عظيم على خطر عظيم، ولكنها قلوب غافلة وأفئدة موعاة غير واعية وأنا وإياك عما قليل أموات لأننا أبناء أموات، وما أخذنا هذا الأمر والسلطان إلا بوراثة ممن كان قبلنا، فأرجى ما يرجى به من دوام الملك وبقاء النعمة وتعاقب الرحمة وزوال النقمة في الرأفة والعدل والرحمة وصلاح النية والعفو ما وسع ذلك، ولن تملك سادات الرجال وأهل الشرف إلا بلين الجانب ولطف المقال وحسن الصحبة وجميل الفعال لقوله تعالى خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ. فالله الله أيها الإمام في إخوانك الذين بذلوا في نصحك مجهودهم وشرعوا لك فيه مورودهم في منطق لا يعاب، ونصيحة صدرت لك من أتقياء أتقياء ألباب، مؤمنين غير متهومين في فعل ولا مقال فهم لك عيون ناظرة وآذان سامعة وأفئدة زكية طاهرة، خلصت عندك من حب الدنيا يعرفهم العارف والجاهل ذوو ورع في دينهم إذا رأيتهم خلتهم وحسبتهم بهائم رائعة، وإذا اختبرتهم وجدتهم ملوكا أشداء في دينهم لا يخافون في الله لومة لائم، خلصت وطهرت قلوبهم من الدنيا الدنية لا يطلبون بنصحهم إياك من أجر. إن أجرهم إلا على رب العالمين، فتدبر أيها الإمام ما كتبته إليك، إن الناصح إذا جاء ناصحا لله تعالى راغبا فيما عنده زاهدا فيما لديك لا يطلب في نصحه لك أجرا ولا يريد به فخرا وذكرا ورفعة، فاعلم يقينا أنه من نصحائك في الله وأحبائك الذين يؤثرون على أنفسهم ويحبون بقاء عز الدولة بإنقاذ كلمة الحق لله وفي الله في رجاء ثواب الله، وفي استبقاء ما عنده فهو خير وأبقى، والملك لله يهبه من يشاء من عباده والأرض له يهبها لمن يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
فإذا وردت لك هدية رحمك الله من نصائح أحد من إخوانك فاعرضها على عقلك فإنه حكم عدل فإن قبل ذلك من الناصح، مع موافقته آثار المسلمين فاقبله فإنه من الله على لسان أخيك، وممن جاءك به، واقبل الحكمة ممن جاءك بها من الناس فإن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها من حبيب أو بغيض من عالم أو ضعيف، فإنك أصبحي في أمر عظيم على خطر عظيم.
فالله الله إمام المسلمين لا تهمل العيون، واجعل على العيون عيونا، فإن لم تفعل فاعلم أنك مغبون، ولا يكون العيون إلا الثقات الأمناء من الناس المأمونين على ما ائتمنوا عليه، فابحث من كل بلد ملكت أمرها أمناءها وفضلاءها واجعلها عيونا راعية في رعيتك، حافظة في ولايتك، فإن اتهمت العيون وارتاب قلبك في قولها فليكن همك في طلب البحث لتعرف حق ذلك من باطله وجده من هزله، ولا تهمل الأمر إهمالا، ولا تغفل من أهل البلد وجوهها وأهل الشرف منها، وأظهر إليهم الجميل من مقالك، كأنك مقصر في حالهم، وإن كنت محسنا تأسيا برسول الله .
قيل أنه فقد رجلا فسأل عنه ثم قال اذهبوا بنا إليه لعله واجد علينا، ولا عتاب عليه لأحد الناس أن كان برا رحيما، ولكن ذلك من تمام أخلاقه في قومه ورعيته ، فلين الجانب إلى الناس يجلب لك المودة وهو خير من النفقة في بعض الأحايين رحمك الله: وأماتقربك لأشراف الناس يزيدك منهم مودة ونصرة ونصيحة، ولطفك للمسكين ورحمتك له ينفعك بدعائه لك واستغفار لما يجد من عفوك وإحسانك إليه فلا بد من دعاء يسمع لك ويستجاب أو لا يسمع، ودعوة تدع الديار بلقعا فلا تكاد ترجع، والكلمة الشديدة تنفر منها القلوب ذوي الألباب، فإن الناس أجناس متباينة فأنزل كلا منهم منزلته، فإن الناس لهم منازل يتفاضلون بها: فمنهم إخوانك وهم نظراؤك وأمثالك، فأحب لهم ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك، فإنهم يحبون منك مثل ما تحبه منهم، فإنك تحتاج إليهم أكثر مما يحتاجون إليك، فلن لهم الجانب وكن لهم روحا وريحانا يكونوا لك إخوانا وأعوانا وملجأ وردءا وأنصارا، فإنك سلطان بجيرانك وإخوانك لا بالمؤلفة من حسادك وعدوانك، فإن النصيحة من العدو محال والمحال زوال، ونصائح إخوانك وأهل الشرف من جيرانك لا تستخرج إلا بصحة القريحة منك وبالمودة منك لهم تكون نصائح الرجال، ولا تصلح المودة الغريزية إلا بإصلاح النية، فإذا صلحت النيات من باطن القلوب في رضى الله علام الغيوب، فهنالك أمن الراعي واستراحت الرعايا ولو جربت ذلك لوجدت مقالي صوابا إن شاء الله.
وما أنت كبير إلا بإخوانك وأهل الشرف من بلدانك، واقبل من إخوانك كلا منهم على قدر ضعفه وقوته وعظم همته وتراخيها فإن أحوال الناس مختلفة لا متفقة ومؤتلفة، واقبل معذرتهم وأقل عثرتهم، واغفر زلتهم، فإنك لا تجد الناجي من العيوب، المبرأ من الذنوب فإن طلبت صحبة من لا عيب فيه فاتك الدهر من غير صاحب، وأنت أحوج الناس إلى الأصحاب، ولكن لكل هؤلاء مرتبة ومنزلة،فأنزل كل واحد منزلته إلا السفلة السعيير فأعطه الشدة صراحا وإن استغنيت عن أحد فلا تبعده كل الإبعاد وتفقد حاله واسأل عنه، فإنك لا بد أن تحتاج له يوما ما يكون لك حبيبا غائبا حاضرا أخا شفيقا لا يرضى فيك المعائب وإن كان عنك غائبا وحاشاك من ذلك، وإن استغنيت عن أحد أو اعتذر إليك أخوك إن طلبته في أمر ترى أنه من أهله فاعتذر إليك فاقبل معذرته ولا تبعده، فإنه أعلم بنفسه منك والله أعلم به منك ومن نفسه، وكل أمره إلى الله ولا تترك له من يؤذيه بمقاله ويكثر عليه من كلامه ووياله، فإن الكلام الشديد إذا صدر من ذويك ومن تقوى بسلطانك، فذلك منك لا منه والكلمة الشديدة تنفر منها القلوب وتتبدد منها الأجساد، فقد وصى الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلين الجانب وخفض الجناح للمؤمنين فقال وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ وقال وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وأمره بالمشورة وحثه عليها في غير موضع، وهو أكثر الناس عقلا وأرجحهم رأيا وأعلاهم درجة وأدبا ، لأن ذلك من لين الجانب وحسن التواضع للناس، فلا ذل ولا صغر من تواضع لله، ولا ساد وارتفع من تكبر على الخلق، وحاشاك حاشا كل مؤمن تقى من ذلك، وأحق الناس وأولاهم بالصبر واحتمال الأذى الملوك لأنهم على أمورهم قادرون ولرقاب الرعية قاهرون، قد ملكهم الله العباد لا ملجأ لهم من الله إلا إليه.
وعندي لا شك أنك عالم بالذي كتبت به إليك . أنك ملك من أبناء الملوك تسوسون الرعايا وتمارسون الأمور، لأن الملوك ممتحنون بذلك فلا بد لهم ولا مخرج من ذلك، لأن الملوك أحوج الناس إلى سياسة الملك في رعاياهم، وإنهم أكبر الناس عقولا ورأيا وسيرة وسياسة وأدبا من سائر الرعايا وهم أمناء الله في أرضه على خلقه، ولكن المكاتبات بين المسلمين واجبة والنصائح لازمة تذكرة وتنبيها للملوك لما هي فيه من كثرة الأشغال من معاناة أمور الرعية ومقاساة ما تجده من كثرة المعاندات والمخاصمات، وخاصة في أهل هذا الزمان، والله المستعان وهو حسبنا وكفى به حسيبا.
واعلم أيها الإمام أن الله سبحانه أحلك محلا عاليا شامخا وأنزلك منزلا شريفا باذخا، وملكك طائفة من ملكه ولم يرض أن يكون أمر أحد فوق أمرك فلا ترض أنت أن يكون أحد أولى منك بالشكر له، وإن الله سبحانه قد ألزم الورى طاعتك فلا يكن أحد أطوع لله منك، وليس الشكر باللسان ولكن بالفعل والإحسان، قال الله تعالى اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً.
واعلم أن هذا الذي أصبحت فيه من الملك لم تبق له ولم يبق لك، ولو أنه بقى لمن قبلك لم يصل إليك، إنما صار إليك بموت من كان قبلك، فاجتهد رحمك الله في طلب راحة رعيتك بتعب نفسك واغناء مسكينك بمخمصة بطنك لكي تتبع الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، واصبر على مرارة الصبر واحتمل زلة رعيتك ووقر كبيرها وارحم صغيرها وتفقد أمورها واسأل الله تعالى يمن عليك بتوفيقه لمرضاته والصبر على ما ابتلاك من أمور عافى غيرك منها يوصلك به ملكا دائما ونعيما لا يزول في دار تبقى فيها الصحبة ويذهب عن أهلها فيها النصبواللغوب، ويجعلنا وإياك رفقاء إخوانا على سرر متقابلين. فيا لها من نعمة ما أجلها، وغبطة ما أعظمها جلت وعظمت عند من رزقها ونالها، وصغرت وهانت على من وهبها ويا لها كرامة من معطيها لمن أعطاها، وما ذلك على الله بعزيز لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ فخذ إمامي وإمام المسلمين بما بان لك عدله واترك عنك ما التبس عليك أو ظهر لك خطأه وهزله، فربما اختلس الشيطان مني الصواب وألقى على لساني الزلل والارتياب وأنا استغفر الله تعالى من كل قول وفعل وعمل قد خالفت فيه الحق، ومن كل شيء كتبته في كتابي هذا وغيره أو أوردت فيه شيئا مخالفا فيه المسلمين، فأنا أستغفر الله من جميع ذلك، ولا أردت بكتابي هذا وغيره العز لأحد، أو عداوة وانتصارا مني وافتخارا أو علوا وتقربا من السلطان أو استكبارا، وصلى الله على محمد وآله وسلم وصحبه وتابعيه ورضي الله عن أئمة الهدى من لدن أكرم الخلق، إلى يوم الدين والسلام ) .
And while investigators say the murder victim is linked to a "feud," they are not sharing the details about that part of the investigation.
ردحذفPolished concrete floors come in
different colours and types to suit the different decorative
and functional requirements of domestic or commercial customers.
Say we are laying out a simple home 30' x 45'; if the last dimension was forty feet instead of forty-five then the cross
corner measurement would be fifty feet.